السلام عليكم
بعد ان كان المسلمون والعرب بالخصوص يمثلون اكبر امبراطوريه على وجه الارض دارت بهم الايام بعد سقوط بغداد الاول فاصبحواعبيدا بيد اسيادهم المحتلون بل اكثر من هذا حيث تحولوا الى محط انظار كل طامع بوجه الارض وهذا ينتج عنه ان قيمتهم في معادلات توازن القوى بين بلدان العالم هو اقل من الصفر بكثير..وتسلسل بهم الحال من محتل الى محتل والى طامع بعد طامع حتى بداية القرن المنصرم حيث قسمت الدول العربيه والاسلاميه وفق معاهدات بين هؤلاء المحتلين وكانها ضيعه تابعه لهم يقسمونها كيفما يريدون ومن هذه الاتفاقيات هي (سايكس بيكو)الشهيره التي قسمت العراق وبلاد الشام الى مقاطعات بين الانكليز والفرنسيين
لكن ومع تقدم السنين وتطور المفاهيم والايدلوجيات لدى الطرفان الحاكم والمحكوم باضافة ظهور مؤسسات دوليه كعصبة الامم وهي الامم المتحده حاليا اصبح شكل الاحتلال المباشر مستهجنا ومرفوضا...لذا قرر الطرفان ايجاد مشروع بديل لهذا الاحتلال يكفل بقاء الاحتلال كمضمون ويتناسب مع روح العصر من الناحيه الظاهريه وهذا المشروع هو(العماله السياسيه)
فالعماله السياسيه تعني الحاكميه في البلد وهي بدورها الضامن للحفاظ على بقية الاذرع الاستعماريه أي بمعنى اخر واوضح هو بقاء الهيمنه الثقافيه على حالها والاقتصاديه وحتى الاجتماعيه في بلداننا العربيه
وهذا الامر ينتج عنه امرين اساسيين هما...
الاول_استمرار تسلط دول الغرب وتحكمها بمقدرات الشعوب عن طريق الانظمه الحاكمه فيها وبقاءها في حكم التابع لها مع ايهام الشعوب المحكومه بتلك الدول بالاستقلال وهذا ينتج عنه ايضا امر هام الا وهو عدم ظهور تلك البلدان كطرف في المعادله العالميه لتوازن القوى على سطح الارض
والدليل على ذلك ان البلدان العربيه والاسلاميه الى الان لاتستطيع ايجاد مشروع تتحالف فيه القوى العسكريه الموجوده لديها لردع أي تدخل عسكري قد تتعرض له احدى تلك الدول على غرار حلف الناتو العسكري الموجود في الغرب بل اكتفوا بطلب النجده من تلك القوى الغربيه في حال تعرضهم لهجوم عسكري كما فعلوا عندما هاجم نظام صدام دولة الكويت او كما فعلت اسرائيل في فلسطين عندما قامت بعض تلك الدول العربيه بمحاولات خجوله لارضاء تلك الشعوب وذر الرماد بالعيون
الامر الثاني..هو غياب الديموقراطيه في تلك الدول وعدم وجود أي تداول سلمي للسلطه بل نلاحظ بقاء الانظمه على ماهي عليه وانتقالها من الاب الى الابن او بين افراد العائله او بين اعضاء الحزب الاوحد الحاكم وانحسار دفة الحكم بيد طائفة معينه حتى ولو كانت اقليه تلك الدوله
وهذا ينتج عنه ايضا اضطهاد تلك الفئه الحاكمه لاي معارض داخل الدوله ولو كانو بالملايين بل ووصل الامر الى حد ابادتهم عن طريق حملات عسكريه منظمه واسلحه كيميائيه وغيرها
وبين هذا وذاك ظهرت في تلك البلدان بعض الحركات التحرريه والاحزاب المناهضه لهذا النمط الاستعماري وحذرت منه الا انها لم تجدي نفعا والسبب يعود في ذلك الى نقطتين..
النقطة الاولى..ان هذه الاحزاب استندت على الدول الغربيه في هجرتها كمعارضه وايضا بتمويلها وهذا مما سيبب تقوييضها كليا لانها اصبحت مصداقا للمثل القائل(المستجير من الرمضاء بالنار)
النقطة الثانيه..وكنتيجة حتميه لبعدها عن الجماهير واستخدام التشويه الاعلامي من السلطات في حقها فان رصيدها الجماهيري هو ضئيل جدا بالمقارنه مع النظام الحاكم في هذه الدوله او تلك
وبالتالي ادى هذا الامر الى فشل كل مشاريع التغيير في البلدان العربيه والاسلاميه وسقوط كل محاولة جاده للخروج من النفق الاستعماري المظلم الذي ابقانا تحت طيات التخلف والجهل والفقر ونحن نملك كل موارد العالم الاساسيه لكل المجالات
ومن هنا كان لابد من ظهور حركة اصلاحيه من الداخل تمتلك الشرطين الاساسيين وهما التحرك من الداخل والرصيد الجماهيري مع ملاحظة وعي تلك الحركه الاصلاحيه للمخطط الاستعماري وانه هو من يملك عامل القوه والمؤثر الرئيسي
وهذا ما رايناه في العراق من خلال الحركه الاصلاحيه الكبيره التي قام بها السيد الشهيدمحمد محمد صادق الصدر(رض) حيث توفرت هذه الحركه على غالبية عوامل النجاح والتغيير
وبالرغم من ان قائد هذا المشروع الاصلاحي الكبير قد تمت تصفيته جسديا الا ان بذور هذا المشروع انبتت لنا تيارا قويا داخل العراق اسمه التيار الصدري واضعا نصب عينيه الاهداف التي اطلقها مؤسس هذا المشروع وهو الرفض للاستعمار والاحتلال من خلال استذكار تلك الصيحات المدويه في مسجد الكوفه
والحقيقه اننا لسنا في هذه العجاله نريد ان نناقش ونحلل كل مايملكه هذا التيار من الايجابيات والسلبيات لكننا نريد ان نبقى ندور في فلك الموضوع الاصلي الذي كنا نتكلم عنه
حيث اعاد هذا التيار المسلمين العرب والشيعه بالخصوص الى قائمة توازن القوى داخل المعادله بعد ان كان الطرف الذي ينتمي اليه هذا التيار في يوم من الايام لاشئ يذكر في كل ما تدور فيه الكرة الارضيه بل ووصل الامر ان فوائد وجوده انسحبت على الغير من بعض الاطراف الشيعيه التي تختلف معه في المباني الفقهيه ونقاط الانطلاق واساليب التحرك داخل الساحه
حيث انه يمثل اليوم القوه الضاغطه التي تراهن بها المرجعيات الدينيه على الاطراف الاخرى الموجوده في العراق اكثر حتى من قواعدها الشعبيه ومريديها بطريقة مباشره او غير مباشره
وعليه فان توفر هذا التيار على شروط التغيير السياسي اصبح يمثل خطرا على المشروع الامريكي الاستعماري في العراق والذي بدأ من لحظة الهجوم على مقر اقامة الزعيم عبد الكريم قاسم وقصفه بواسطة الطائرات الامريكيه فادركت الاداره الامريكيه الخطر الذي يمكن يحدث والكارثه التي يمكن ان تقع فعادت الى الاسلوب القديم متحدية بذلك كل الانظمه والمؤسسات العالميه بما فيها مجلس الامن الدولي بعد ان عجزت عن استصدار قرار منه
فكان سقوط بغداد الاخير هو محاولة لانقاذ ما يمكن انقاذه وبداية لصراع جديد ومباشر مع المستعمر القديم والمحتل الجديد والمتمثل بالولايات والمتحده الامريكيه وحلفائها الداخليين من الطبقه الحاكمه ومن يدور في فلكها من جهه والتيار الصدري الشيعي من جهة اخرى